لم تشهد أبدا أي مدينة في العالم عزلة كالتي عرفتها تلمسان. أين بنا السلطان المريني حول المدينة حزام حجري بفتحات حتى يتمكن مهاجميه من ولوج والخروج من حول تلمسان. ليبدأ بعدها ببناء مدينة جديدة على الغرب من تلمسان واسماها المنصورة حتى تكون مركزا لقواعده. وكما يؤكده بن خلدون من الشهادات الحية التي سمعها في رحلته انه طوال هذه السنوات الثمان من الحصار ، لم يمر يوم واحد دون أن يؤمر السلطان المريني قادته بالهجوم على تلمسان. كما كانت سماء تلمسان لا تكاد تنقشع عنها الغبار المنبعث لدى التطام القذائف بالمباني والساحات المحيطة بها لشدة القصف المتواصل. ولم يشهد سكان على المعمورة من معاناة طويلة قط كما شهده التلمسانيون ولم تعرف مدينة مقاومة عنيدة وشجاعة باسلة مع تصميم للمضي قدما في المقاومة كما عرفته مدينة تلمسان . في السنة الخامسة للحصار أي (1304) ، مات عثمان بن يغمراسن. وأعطي هذا الحدث لمأساة المدينة مشهدا درامية إضافي للخطر المحدق بالمدينة، لما كان يمثله من رمزية التصميم على مواجهة العدو. كما يحكي ابن خلدون بشهادة أستاذه إبراهيم عبد اللي. "أن عثمان ابن يغمراسن توفي في الحمام الذي كان يأتيه من أجل الاسترخاء وحتى يطفأ ضمأه طلب كاسا من اللبن الرائب واستسلم للنوم لتفيض روحه بعدها إلى بارئها". ضن الناس بأنه ربما انتحر ليتجنب رؤية المشهد المروع الذي يخبؤه المرينيين لمدينته ولشعبه وبالأخص لأسرته. الملكة التي هي في نفس الوقت بنت السلطان الحفصي بعد سماعها بوفاته أتت بطفليها وأغلقت جميع أبواب المشور واجتمع شيوخ بني عبد الواد بشكل طارئ لا يحتمل التأخير فعيّنوا بن زيان ، الابن الأكبر لعثمان كوريث شرعي للعرش. وكإشارة للعهد الجديد قام قادة الزيانيين بطلعة انتحارية ضد العدو الذي ابهرته الروح القتالية التير يتمتع بها السكان والتي لم تأتي عليها سنون الحصار. هذا الحصار الذي دام حتى الآن خمس سنوات ، لا زالت تلمسان تأخذ زمام المبادرة وتبدأ بالهجوم. وهنا بدأ الشك يدخل في قلوب المرينيين. وارتفعت بعدها زغاريد النساء من على أسطح المنازل وفي الطرقات عرفانا بشجاعة فحولتهن لبعث رسالة الصمود والتحدي لمن هم وراء الأسوار. ولكن كانت معاناة المدينة كبيرة نتيجة لنقص في المؤن وقلة لموارد ويصف ابن خلدون بشاعة الموقف آنذاك. كما يعطينا بعض التفاصيل عن أسعار المواد الغذائية والتي ستشمل الآن الحيوانات الأليفة والعصافير البرية بل حتى القوارض والحيوانات المريضة. وبدأ السكان خلع أسطح منازلهم للتدفئة. ومن المرجح خلال هذه الفترة الحرجة التي مرت بها تلمسان فقدت واحدة من أربع نسخ من القرآن الكريم التي كتبها عثمان بن عفان هذا الكتاب ظل في تلمسان منذ جوان 1248. وانتقل من يد الخليفة الأموي في قرطبة مرورا بفاس لينتهي به المطاف في تلمسان. بينما كان الموت يخيم على مدينة يغمراسن، فإن مدينة المنصورة التي بناها السلطان المريني يعقوب بن يوسف وصلت لذروة مجدها. حيث أصبحت المقر الجديدة للمرينيين. وبدأ يحفلها السفراء والتجار من مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، ومثلت مركز جذب بالرخاء السائد ومن جهة خوفا من غطرسة وانتقام هذا السلطان ذو الطموحات اللامحدودة. وكان يتلقى وفودا من بجاية وتونس. حتى حكام مصر وسوريا اعترفوا بسلطته المتصاعدة فأرسلوا إليه بالهدايا النفيسة. وعرفت هته المدينة (المنصورة خلال الثماني سنوات الماضية في المدينة تطورا كبيرة.
بحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المواضيع الأخيرة
مواقيت الصلاة - تلمسان
اذاعة تلمسان - المباشر
التوقيت - الساعة
2 مشترك
حصار تلمسان
BeLbIg_Dz_13- عدد المشاركات : : 757
نقاظ تميز : : 100
الدولة : : tLEmCeN_WAT
تاريخ التسجيل : : 24/04/2010
- مساهمة رقم 1
حصار تلمسان
لمار الجزائرية- عدد المشاركات : : 53
الدولة : : الجزائر
تاريخ التسجيل : : 24/05/2010
- مساهمة رقم 2
رد: حصار تلمسان
شكرا لك بلال موضوع رائع وتلمسان ايضا جمالها رائع
الجمعة مارس 30, 2012 10:19 am من طرف معمارية 1
» مرحبا
الإثنين أغسطس 29, 2011 2:05 am من طرف 125islam
» هل تعلم أن علم اسرائيل موجود على جهازك؟؟؟؟؟؟؟؟
السبت يوليو 02, 2011 7:17 pm من طرف taki88
» اجمل قصص الصداقة
الثلاثاء يونيو 14, 2011 6:11 pm من طرف chakir 08
» حلول بكالوريا 2009 جميع الشعب
الإثنين نوفمبر 29, 2010 7:32 pm من طرف radouane
» أكثر شيء مدهش في البشر
الجمعة يونيو 11, 2010 12:31 pm من طرف لمار الجزائرية
» لا ترمي قميصك القديم بعد اليوم
الأحد يونيو 06, 2010 5:14 pm من طرف لمار الجزائرية
» اعشقك حبيبى
السبت يونيو 05, 2010 12:11 pm من طرف لمار الجزائرية
» فقــــــــــــــــــــــــــــــاص رقــــــــــــيق
الجمعة يونيو 04, 2010 11:55 am من طرف لمار الجزائرية